رأس المال جبان" .. العراق ليس حاميه!
- alghezinaji
- 4 نوفمبر 2021
- 4 دقائق قراءة
منذ تأسيس الدولة العراقية .. لا وجود للاستثمار الأجنبي

علي كريم إذهيب – بغداد
رأس المال الأجنبي يعرف بطبيعته "جبان" و يبحث دائمًا قبل تحقيق عوائد الأرباح المالية عن الأمان، لكن في العراق لا يجد ذلك، فبعض عمليات الاغتيال بحق الناشطين هُنا وهناك تضع علامات استفهام كثيرة من قبل المستثمر ويحتاج لإجابات هل أدخل بأموالي و معداتي إلى العراق؟ من سيضمن لي الربح السريع؟ من سيكون الحامي لطاقم شركتي؟ هل سأخرج من العراق ومن معي ونعود لديارنا سالمين؟".
ومن أسباب أخرى تشجع على مغادرة الشركات الأجنبية الاستثمارية أو عدم التفكير بالدخول للسوق العراقية هو البيروقراطية الإدارية التي تعاني منها الدولة إضافة إلى تدخل بعض العشائر و الجهات المسلحة في أخذ الإتاوات أو الطلب من الشركة المنفذة لمشروعٍ استثماريً ما تشغيل أشخاص في أعمال لا يملكونه شهادات جامعية أو خبرةٍ مهنية فيها، وهذا شأن يضعف دور المستثمر الأجنبي في العراق المتعطش للإعمار بعد سنين الدمار".
تاريخ الاستثمار في العراق
لم يشهد العراق خلال تاريخه الحديث منذ تأسيس الدولة في ١٩٢٢ لغاية اليوم وفي جميع حقبه السياسية أي مظهر من مظاهر نمو الاستثمار الأجنبي أو الخارجي وفقًا للباحث بالشأن الاقتصادي -نبيل جبار العلي-".
ويكشف العلي عند حديثه لـ"الزوراء" عن فشل العهد الملكي للعراق من جذب الاستثمار الخارجي باستثناء الاستثمار المتعلق بالنفط والذي انتهى لاحقا في الحقبة الجمهورية بقرارات التأميم منها النفط والمصارف والشركات في العراق".
فيما لم تكن فترات حكم حزب البعث الطويلة المرتابة من أي وجود أجنبي استثماري في العراق بحسب العلي الذي علل ذلك بسبب عدم إتاحة الفرصة لفسح المجال تجاه الاستثمار الأجنبي خصوصا في عقد السبعينات التي كان على رأس السلطة آنذاك أحمد حسن البكر التي كانت الظروف مهيأة وتعتبر الأمثل بالمقارنة مع العقود الأخرى لكن لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل".
وفي الدخول إلى عقد الثمانينات من القرن الماضي فقد كان العراق تحت ذروة الحرب مع جاره الشرقي إيران وجميع الإمكانات المالية استنزفت لها أما فترة التسعينات كانت الأصعب على العراقيين وبلاد الرافدين بسبب الحصار الاقتصادي ألأممي الذي فرض في السادس من آب/أغسطس عام 1990 بسبب الحرب الجديدة لنظام صدام حسين على الجار الجنوبي "الكويت" وحيث كانت بحسب العلي أصعب ظروف اقتصادية وأمنية معقدة لم تكن مناسبة لأي استثمار أجنبي للدخول للسوق العراقية".
وأشار العلي إلى أن" الفترة التي تلت ما بعد عام ٢٠٠٣ ، ومع النظام السياسي الجديد الذي يستند إلى نظام السوق الحر في تشريعاته الدستورية ، فشلت الحكومات في تهيئة البيئات المناسبة لاستقدام المستثمرين من الخارج ، حيث اعتمدت الحكومات المتعاقبة لمحاولة استقدام (الاستثمار الأجنبي المباشر FDI) عبر دعوة الحكومات الأجنبية والإقليمية للاستثمار الذي وصفه العلي بالتوجه الخاطئ نتيجة بنائه على افتراض وفكرة مغلوطة لا تتناسب مع خصائص التجارة الدولية الحالية في العالم، ولا يمكن تحقيق نتائج مهمة".
قوانين ميتة
شهد العراق عام 2006 إقرار أول قانون للاستثمار بالرقم (13)، ويتمثل في تأسيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وتتفرع منها هيئات في جميع المحافظات العراقية، وتعنى بجلب الاستثمارات المحلية والدولية من أجل تحسين واقع البلاد الخدمي والبنى التحتية وخلق فرص عمل للعراقيين، الذين يعانون منذ عقود من بطالة هي الأعلى في المنطقة.
ولم يفلح هذا القانون في تحقيق أي هدف شُرِّع من أجله، حسب كثير من الخبراء، الذين يؤكدون أنه ومنذ تشريع القانون رقم (13) عمدت أغلب الوزارات العراقية لافتتاح أقسام تعنى بالاستثمار من أجل عدم منح هيئات الاستثمار فرصة للاستحواذ على عمليات جلب المستثمرين، مما يؤدي إلى سحب البساط من وزاراتهم".
ورغم مرور 14 عاما على إقرار قانون الاستثمار العراقي، فإنه لا يكاد يُرى أي مشروع استثماري أجنبي في البلاد. إلا مشاريع قليلة نُفذت بعد عدة سنوات وأخرى غير مكتمل لأسباب كثيرة منها المستشفيات التركية والألمانية في بغداد وذي قار والنجف إضافة إلى مشروع قناة الجيش وسط العاصمة العراقية الذي كان مستثمرًا من قبل شركة المقاولين العرب المصرية والذي صُرف عليه أكثر من مليار دولار كما قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عند زيارته المشروع نهاية العام الماضي".
ويرى المستثمر العراقي عدنان العبيدي أن مشكلة العراق تتمثل في التشريعات التي لا تسهل دخول المستثمرين للبلاد، إضافة إلى افتقار البلاد لتشريعات خاصة بعمل المصارف الأجنبية، وعدم وجود نظام مصرفي يسهل العمليات المصرفية.
وأشار العبيدي بتصريحه لـ"الزوراء" إلى أن القوانين في العراق تفسر وفق أهواء المسؤولين، مما يؤدي إلى تشتت المستثمر بين 16 وزارة ومؤسسة حكومية، حسب قوله.
الاستثمار حيل نجاة العراق
فيما يرى أكاديميون عراقيون في الاقتصاد، بان الاستثمار في العراق هو حبل النجاة الآن للدولة العراقية فإذا لم يتم الاهتمام به وتطويره و تنمية مناخ الاستثمار فنحن مقبلين على أيام بائسة ومتعبه للشعب العراقي".
ويشير الأكاديمي هادي ذياب في حديثه لـ"الزوراء" إلى أن " العراق خلال 18 سنة الماضية لم يتقدم في مجال الاستثمار ولو شبر واحد و لازال لم ينطلق في سباق الاستثمار مقارنةً في أي دولة من دول العالم".
أن حركة الاستثمار الأجنبي تقوم بامتصاص البطالة التي نسبها الحالية تصل إلى 35% في وقت يبلغ مجموع العاملين في القطاع العام حوالي 4.5 مليون موظف أي أن لكل 32 موظف يعمل عمل موظف واحد وفق الأكاديمي الاقتصادي".
البيئة الطاردة للاستثمار
وتحدث الباحث الاقتصادي معتز القره غولي للزوراء قائلاً إن " الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 لم نجد منها أي إجراء فعلي على الأرض لدعم الاستثمار الأجنبي، كما أنهم للأسف الشديد لم نجد منهم أي قرارات شجاعة ومهمة لخدمة هذا القطاع الحيوي الذي يمثل عصب الحياة والقوة في جميع المجتمعات العالمية المتقدمة".
ولفت القره غولي إلى أن"ضعف البنى التحتية الأمنية في البلد، إضافة إلى عدم وجود القوة البنكية جميعها أمور لا توفر التشجيع للمستثمر الأجنبي كي يأتي للاستثمار في البلد، إضافة إلى أن هنالك العديد من المستثمرين المحليين الذين يفضلون الذهاب إلى الخارج للاستثمار بسبب الفساد والروتين والوضع غير المشجع لهم للاستثمار الداخلي".
وأضاف الباحث الاقتصادي: "البيئة العراقية طاردة للاستثمارات الخارجية وبحاجة إلى جهود جبارة ودراسات إستراتيجية وتهيئة الأرضية المناسبة لبناء مشاريع استثمارية تشجع المستثمر الخارجي للقدوم إلى العراق واستثمار أموالهم".
الخطوات الناجحة الأربعة
العمل على إنجاح المناخ الاستثماري يكمن في 4 نقاط تحددها الخبيرة في الاقتصاد الدولي الدكتورة صباح التميمي:
1- تحقيق الاستقرار السياسي والأمني لأنه واجهة الدولة أمام المستثمرين الأجانب.
2- العمل على فسح المجال أمام القطاع الخاص للتخلص من الهيمنة الحكومية و الريعية النفطية على النشاط الاقتصادي".
3- الاهتمام بالمستوى الاجتماعي من خلال رفع التركيز على المستوى الصحي والتعليمي، إضافة إلى ترسيخ ثقافة المواطنة وتغليبها على الانتماءات الأخرى، من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات وغيرها أو من خلال المناهج التعليمية او غيرها.
4- الاهتمام بالتشريعات القانونية التي تجعل المستثمر يشعر بالاطمئنان على استثماراته، وذلك من خلال تفعيل الجانب القضائي وسرعة استجابته للمستثمر حين يلجأ إليه.
Comments